تفاقم الخلاف بينى وبين زوجى وأصبح الجدل جزءا من روتين حياتنا اليومى إلى أن احتدت الأمور بيننا وأصبح الطلاق هو البديل الأفضل لكى نستطيع الاحتفاظ بما بقى بيننا من احترام..
ولكى نستطيع تنشئة أطفالنا فى بيئة اعتقد زوجى أنها ستكون أفضل لهم بعيدًا عن خلاف أسرى يشهدونه كل يوم بيننا.
ذلك الشعور المؤلم انتابنى هذه المرة بعد أن تكرر تهديد زوجى لى بأن الطلاق هو الحل لعلاقتنا، الغريب هنا أن طلب الطلاق المتكرر يكون على لسان الرجل وليس المرأة كما هو شائع ومتبع.
كلمة الطلاق لم تعد تثير المخاوف والقلق كما كانت من قبل بل أصبحت تضاهى كلمة "صباح الخير" وربما بسهولتها والزواج الثانى بالنسبة للرجل صار بمثابة أكسير للحياة حيث يتخيل الرجل أن ذلك سيعيد إليه شبابه وحيويته وسيكسر الملل والفتور فى حياته!
لا أدعى رجاحة العقل ولكنى لا أريد الطلاق ولا أجده سهلًا على الرغم من أننى لا أجده عيبًا فى حالات كثيرة وبالرغم من أنى من عائلة مستورة وأستطيع أن أباشر حياتى لو تم الطلاق إلا أننى أفكر كثيرًا فى حياة أولادى إذا ما حدث ذلك وأسأل نفسى ألا يستحقون حياة طبيعية؟!
بعد تفكير طويل قررت أن أقترح على زوجى قضاء يومين فى أى مكان بدون الأولاد وسوف تقوم أمى وأختى برعايتهم، ربما نستطيع استدعاء مشاعر فترة الخطوبة ونبدأ بداية جديدة!، وبالفعل حجزت غرفتين فى فندق جميل فى الإسكندرية.
لم يوافق زوجى فى بادئ الأمر وكان حادا فى ردوده ولم أسلم من الاستهزاء بمشاعرى ولكنى صممت على موقفى وكان أول خط دفاع لدى هم أولادى وأنهم يستحقون أن نفكر من أجلهم وصليت لله ودعوت أن يهدينا لطريق الخير حتى ولو انتهينا إلى الطلاق فربما هو الخير دون أن أدرى.
من أول لحظة أتقنت دور أنى لازلت فى فترة الخطوبة وصممت أن أراقب نفسى قبل أن أراقبه فوجدتنى أهتم أكثر بشكلى وملابسى وبنوع العطر الذى أستخدمه!! وأعترف أنى لا أفعل هذا فى كل مرة وأنا معه فكم من مرات كنا سوياً وأنا وجهى خال من أى شىء وشعرى ملموم خلف ظهرى وملابسى تخلو من أي لفتة اهتمام، لكنى أعبائى كثيرة ولدى أولاد أهتم بهم وعمل فماذا أفعل؟ كنت أتوقع أن يقدر المجهود الذى أقوم به ولكنى كان على أن أفهم أنه رجل.. ونزل هو قبلى لتجهيز السيارة وركبت بجواره وهو لا يكلف نفسه حتى بالنظر إلى
فقلت له: فى الخطوبة كنت بتفتح ليه باب العربية علشان أركب.
فقال: وحياتك متعشيش فى الدور دا كان وكان فعل ماضى.
شعرت برغبة أن أفتح باب السيارة وأعود إلى منزلى وليحدث ما يحدث، ولكنى فضلت أن ألتزم الصمت وأكمل ما نويت عليه فهى تجربة قابلة للفشل أكثر من النجاح ولكنى سأكمل المحاولة.
ومرت ساعة كاملة لم ينطق فيها بكلمة واحدة، بل قام بفتح الراديو وراح يبدل بسماع أغنية وأخرى حتى بدأت أنا الحديث "أنا مش عايزة أسمع الأغانى دى، طيب حتى أسالنى عايزة تسمعى إيه" وما كان منه إلا أنه أغلق كل شىء وساد الصمت من جديد وبدأت أتوتر وأتذكر حديث أختى حين أخبرتها بما نويت عليه "أنتى بتتفرجى على أفلام كتير!" وشعرت بصداع شديد ربما من كثرة التفكير والتوتر وطلبت أن نتوقف فى أى مكان لأشرب قهوتى الصباحية ولم يعترض.
نزلنا من السيارة وكالعادة لم ينتظرنى بل سبقنى إلى الداخل وأنا خلفه، وعندما جلسنا تحدثت له لماذا لم ينتظر لندخل سويًا؟ لماذا يجرى وكأنى طيف لا وجود له؟ وكان رده "الستات دماغها فاضية تيجى على الهايفة وتتصدر" ولكنه نسى أن هذا نوع الاهتمام يعكس ما بداخله والأهم من هذا كنت أنظر إلى وجهه وهو يتحدث ووجدت فيه الإجابة الشافية لتساؤلاتى وهى لقد جفت المشاعر من قلب زوجى فأصبح لا يرانى ولا يشعر حتى بوجودى.
ووصلنا إلى الفندق وذهب كل منا إلى غرفته واتفقنا على النزول فى ساعة معينة لتناول الغذاء، ودخلت غرفتى وأخرجت من الحقيبة هدية قد أحضرتها له ووقفت مترددة لوهلة ولكنى قررت أن أكمل المحاولة للنهاية كما خططت فى عقلى حتى ولو فشلت!
ماذا حدث بيننا ولماذا وصلنا لهذا الطريق؟؟ فليس كل أسباب الطلاق امرأة أخرى فى حياة الرجل ولكنها أحياناً تكون موجودة على بعد تلوح له بحياة أفضل وتستمع لمشاكله وترد لو كنت زوجتك لفعلت لك الكثير فأنت تستحق، وقع فى هذا الوهم كثير من الرجال ناسين أن الحياة حين تكتمل وتغلق الأبواب يتغير كثير من الأمور.
ربما العند ولكن حتى العند له درجات فربما أكون عنيدة في بعض الأمور ولكنى أرى نفسى أحافظ على كيانى ولكن فى النهاية أنا امرأة أرى نفسى بعينى وليس بعينه، ربما يظن أنى امرأة مسيطرة لكنه لا يشعر بى فقد نسيت كلمات الحب منذ زمن حتى ضاعت منى وأصبحت لا أجيدها. ونهضت من مكانى وحجزت غذاء فى مطعم أعلم أنه يحبه واقتبست من الأفلام الرومانسية فطلبت منهم أغنية بعينها ورتبت كل شىء ولبست أحلى ما عندى وللحق لم أعرف نفسى!
وذهبنا وجلسنا وهذه المرة لم أطلب أنا الطعام كالعادة تركته يختار لنا وقدمت له هديتى، وسألنى عن سبب الهدية وقلت له أنها بلا سبب فحتى لو افترقنا لا بد أن يبقى الود بيننا، نحن من وضعنا أسباب للهدايا وكم تمنيت أنا أن يأتى لى بهدية دون سبب سوى أنه يريد أن يسعدنى، سمعنا أغنيته المفضلة وكان وقد تغير وجهه وضاع منه الجمود وسألنى: "هو أنتى ليه بتعملى كدا وليه مكنتيش بتعملى كدا؟" ورددت عليه:"أنت كمان ليه مبتعملش كدا؟" وكالعادة كانت إجابته أن المرأة بيدها عصا سحرية تستطيع بها أن تقلب الموازين وتجعل البيت جنة ولكن أصبحت السيدات بارعين فى "الزن والنكد" وعندما ينجبن تصبح حياتهم أولادهم ولا اعتبار للرجل إلا "هات فلوس".
فى المساء قرر أن يأخذنى إلى السينما وسعدت لأنه يعلم حبى لمشاهدة الأفلام وجلسنا وفعلت كما كنا نفعل أيام خطوبتنا وضعت يدى حول يديه وقلت له "والله زمان" فابتسم ولم يعلق ولكنه لم يترك يدى طوال الوقت، وبعد أن انتهى الفيلم أراد أن نمشى على الكورنيش وجلسنا ننظر إلى البحر سويًا واتصلنا بأمى لنطمئن على أولادنا وبدأت أنظر لكمية الرسائل الموجودة ولكنى لمحته ايضاً يخرج الموبيل وبدأ يقرأ رسائله فطلبت منه ألا نفعل فقد اطمئننا على أهم شىء لدينا ولدينا ما هو أهم حياتنا التى ضاعت وأعيننا معلقة بقطعة معدن أبعدت بيننا فأصبحنا أسرى لها ونسينا الكلام.
سألته: ليه السكوت أنا خلاص نسيت الكلام؟
وكان رده: أنا مرهق فى الشغل عايزانى أقول أيه؟
نتكلم مع كل الناس ونضحك مع كل الناس ولكن بمجرد وصولنا منازلنا ننسى الكلام لا نتذكر إلا المشاكل والخصام، فأصبنا بالخرس الذى يؤدى إلى فتور العلاقة والوصول للنهاية، وجدتنى اتكلم معه عن ذكرياتنا وبداية تعارفنا وطرائفه مع أمى أيام خطوبتنا وكم من المشاكل استطعنا أن نحلها سويًا وأعترف أنه لم يؤذينى يومًا ولكنه أهاننى كثيرًا بالإهمال وربما أنا أيضًا استسلمت ولم أحاول وربما أعتقدت أنه أمرا واقعا وسمعت كلام من حولى أن الرجل لا بد أن يبدأ!
ذهبنا إلى الفندق وسألنى: هو ليه كل واحد منا في أودة واحنا لسه متجوزين؟
لم أرد عليه واتجهت إلى غرفتى وكتمت إجابتى حتى لا افسد اليوم، هذا هو الفرق بين الرجل والمرأة فقد نسى جراح قلبى وهو يردد كلمة "الطلاق هو الحل" ويستطيع أن يعيش حياته كاملة وكأنه لم يخطأ عندما نطقها ولكنى أنا لا أستطيع أن أتعامل معه كزوج بعد أن نطقها قبل أن أشعر بالأمان ولكنه أرضى شىء من غرورى كأنثى عندما قالها.
فى اليوم الثانى نزلت معه ونويت أن نواجه أنفسنا بما فى داخلها وبرفق وعندما بدأت قررت أن أسمع منه دون مقاطعة ولا دفاع عن النفس، قررت لأول مرة أن أسمع بصدق، أن أسمع وأحاول أن أفهم دون محاولة اللوم أو أنه المخطأ وأنا الصواب فالمسألة أصبحت بالنسبة لى حياة أسرة وبها أطفال أنجبناهم دون ذنب.
تحدث كثيرًا وسمعت أكثر وجاء دورى وتكلمت أنا أيضًا ولكننا فى النهاية لم نصل لحل لأن كل منا له أسبابه بالرغم من اقتناعى بأشياء ذكرها وأحسست باقتناعه ببعض من كلامى، ولكن فى مكان بعيد بقيت تراكمات سنين كالنار تحت الرماد لا يقبلها هو ولا أرضاها أنا ربما لو حاولنا من قبل أن نقترب لكانت أهون، ربما لو حاولنا أن نقضى وقت لنا وحدنا ولو كل فترة لتغير شكل الحياة، ربما لو نسيت كرامتى ونسى هو كرامته وحاولنا الاقتراب ما وصلنا لهذا الفتور العاطفى!
ولكن اتفقنا أن نعطى أنفسنا فرصة أخرى نحاول محاولة جادة أن نصلح ما أفسدته الحياة ولكن هذه المرة من أجل أنفسنا لأن من حق أولادنا أن ينشأوا فى منزل يروا فيه الحب والمودة والرحمة، أراها محاولة وليست مغامرة، فإن نجحت أن أسترد مشاعر الألفة والمودة بينى وبين زوجى سأكون قد قدمت أفضل هدية لأبنائى أن يعيشوا حياة طبيعية آمنة سعيدة.
ولكن يبقي السؤال فى أعماقى هل أفعل ذلك لمجرد حرصى على أولادى، أم لأَنِّى امرأة غلبتها أنوثتها وأفاقت من غفلتها وقررت أن تدافع عن حياتها وإلا تفقد زوجها، مجرد محاولة قد تنجح أو لا تنجح ولكنى على يقين أن أية امرأة تستطيع فى لحظة أن تفاجأ زوجها بأن الحب إذا ما ولد يوما فإنه يمكن حتى رغم مرور الزمن ورغم الفتور والجفاف أن يستعيد رونقه وبهاؤه.. ربما!
لمتابعة صفحة الكاتبة فريدة دياب على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" "Farida Diab - فضفضة مع فريدة دياب".
شكرا لمتابعتكم خبر عن العصا السحرية في بكبوزة ونحيطكم علما بان محتوي هذا الخبر تم كتابته بواسطة محرري مبتدا ولا يعبر اطلاقا عن وجهة نظر بكبوزة وانما تم نقله بالكامل كما هو، ويمكنك قراءة الخبر من المصدر الاساسي له من الرابط التالي مبتدا مع اطيب التحيات.
Tags
حواء و آدم